إيران تفرض شروطها..."لا تفاوض دون اعتراف بحقوقنا"

إيران تفرض شروطها..."لا تفاوض دون اعتراف بحقوقنا"

May 03-2025

صرح رئيس الرابطة الدولية للخبراء والمحلٌلين السياسيين الدكتور محسن صالح، أن "المفاوض الإيراني يفهم عقل الآخر، بينما الأميركي لا يعرف سوى ما يريده". مضيفاً "نجحت...

وردة سعد: تم تأجيل الجولة الرابعة من المحادثات الأمريكية الإيرانية غير المباشرة، المقرر عقدها يوم السبت في روما إلى الأسبوع المقبل. وقد قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي إنّ تأجيل الجولة جاء باقتراح من وزير الخارجية العُماني "بدر البوسعيدي" وهو من أعلن عن هذا التغيير. موضحًا أنّه "سيتم الإعلان لاحقًا عن الموعد المحتمَل الجديد".

وكانت الإدارة الأميركية قد نفت مرارًا وجود أي مفاوضات، مباشرة أو غير مباشرة، مع الجانب الإيراني، إلا أن الوقائع على الأرض واعترافات اليوم تكشف عن تراجع تدريجي وخضوع أميركي أمام صلابة الموقف الإيراني، ونجاح محور المقاومة في فرض معادلاته.

حول هذه النقاط أجرت مراسلتنا، الأستاذة وردة سعد، حوارا صحفيا مع، رئيس الرابطة الدولية للخبراء والمحلٌلين السياسيين، الدكتور محسن صالح، وجاء نص الحوار على النحو التالي:

كيف تفسرون قبول الولايات المتحدة بالشروط الإيرانية لإجراء مفاوضات وفق الآلية التي طرحتها طهران؟

شكلت الثورة الشعبية الايرانية المباركة بقيادة الإمام الخميني (رض)، جوهرة العقل الحضاري الاسلامي. هذه الفرادة الثورية قدمت النموذج المستقل والحر عما سبقها من ثورات تحولت اما إلى الانعزال، كما في فيتنام، أو إلى التخبط السياسي والاجتماعي والاقتصادي، كما حصل مع الثورة الروسية، وغيرها.

قيم الثورة وقيادتها وعقيدتها وقواها بقيت أمينة لاطروحاتها المبدأية حيث صقلت قيم الثورة وانفتاحها على قضايا المستضعفين في العالم والمنطقة، خاصة القضية العادلة للشعب الفلسطيني، التي شكلت مختبرا للنوايا والضمائر الإنسانية. إيران أصبحت منذ الثورة وحتى الآن تحديا حضاريا وسياسيا لقوى الاستكبار العالمي، بخصوصية علمية واقتصادية غير قابلة للانكسار او التراجع. القوى الثورية في المنطقة والعالم ترى في الثورة قوة يمكن الوثوق بتعهداتها ومبادئها وسياساتها وتكتيكاتها ومبارزتها.

ما الدلالات السياسية التي يحملها نجاح إيران في فرض نمط المفاوضات بما يخدم رؤيتها ومصالحها؟

بعد الاتفاق النووي عام 2015، بين إدارة الرئيس الأميركي باراك اوباما والدولة الإيرانية بعد محادثات طويلة استمرت لأكثر من ست سنوات، حصلت الجمهورية الإيرانية على حقها بتخصيب اليورانيوم وبناء مفاعلاتها النووية للأغراض السلمية وافرجت الولايات المتحدة، ودول أخرى عن بعض الأموال الإيرانية المجمدة ظلما وعدوانا.

بعد وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في فترته الأولى في انتخابات 2016، قام بالغاء هذا الاتفاق، وسعى إلى تفكيك البرنامج النووي الإيراني. رفضت إيران اي محادثات مباشرة مع الولايات المتحدة، قبل الاعتراف الأميركي بحق الجمهورية الإسلامية بتخصيب اليورانيوم للأغراض السلمية ورفع العقوبات والافراج عن الأموال الإيرانية المجمدة في البنوك الأميركية والغربية.

خلال فترة جو بايدن حتى 2024 جرت مفاوضات غير معلنة ووقفت عند ضرورة تقديم ضمانات اميركية بعدم الخروج من الاتفاق. لكن إدارة بايدن لم تشأ، أو لم تستطيع تقديم هذه الضمانات، وتوقفت المفاوضات، أو بالأحرى لم يوقع اتفاق جديد.

عود على بدء، عاد ترامب إلى البيت الأبيض. ترامب الثاني وتوجهاته السياسية والاقتصادية، كما يبدو، مختلفة كليا عن ترامب الأول. فهو منذ اليوم الأول شن حربا اقتصادية وجيوسياسية على العالم كله من خلال التعريفات الجمركية، واعلانه عن نيته ضم كندا وغرينلاند وقناة بناما....الخ.

درس ترامب مع إدارته الجديدة موضوع العلاقة مع الجمهورية الإسلامية في إيران وخاصة مظان قوتها والعقل السياسي والتوجهات والمكانة الجيوسياسية التي تتمتع بها في المنطقة. حاول التوجه نحو التهديد العسكري المباشر من أجل اخذ إيران إلى مفاوضات تحت التهديد والوعيد. وكان بذهنه وتصريحات إدارته بأنه إيران دولة بدون نووي او تذهب الولايات المتحدة إلى ضرب المفاعلات النووية الإيرانية.

برأيكم، كيف عكست طريقة سير المفاوضات الأخيرة تنامي قوة إيران وتأثيرها الإقليمي والدولي؟

لم تذعن الجمهورية الإسلامية لمطالب ترامب وشيطانه المجرم نتنياهو وزبانيته في الإدارة الاميريكية الجديدة. قالت إيران كلمتها. إيران دولة نووية سلمية باعتراف عالمي ورفع العقوبات. ومن يريد أن يذهب إلى الحرب فليتحمل نتائجها الكارثية على المنطقة ودولها وشعوبها، وعلى الاقتصاد العالمي. شروط إيران، والواقع ان هذه ليست شروطا، بل هي رد منطقي لدولة ذات سيادة وقوة اقليمية مؤثرة في السياسات الدولية والاقليمية، ولا يمكن تجاهل هذه القوة مطلقا. شروط إيران، والواقع ان هذه ليست شروطا، بل هي رد منطقي لدولة ذات سيادة وقوة اقليمية مؤثرة في السياسات الدولية والاقليمية، ولا يمكن تجاهل هذه القوة مطلقا.

إلى أي مدى يُظهر أداء إيران في هذه المفاوضات قدرتها على الصمود أمام الضغوط وتحقيق مكاسب دون تقديم تنازلات أساسية؟

طبعا، الدول الإقليمية، وخاصة تلك التي لديها علاقات خاصة مع الولايات المتحدة وتستضيف قواعد عسكرية اميريكية، أصابها الرعب من سياسات ترامب وتصريحاته الحمقاء. الأرجح انها تحركت نحو ترامب كي يطفىء نيران تصريحاته قبل أن تشتعل التريليونات من الدولارات التي وعد نفسه بها من هذه الدول. وأن بالإمكان الذهاب إلى مفاوضات مع بديهية ان الجمهورية الإسلامية لم ترغب ولم ترد يوما بناء قنابل او صواريخ نووية. وبالتالي يكون المطلب الأميركي من باب ما لا يلزم.

أيضا صرح ترامب أنه لم يسهل طريق نتنياهو لضربة عسكرية صهيونية للمواقع النووية الإيرانية. هذا لأن عواقب ذلك ستكون مدمرة للمصالح الاميركية في المنطقة، وأن إيران ليست ليبيا ولا اوكرانيا.

هذه الجولات الثلاث من المحادثات غير المباشرة، والتي واكبتها الدبلوماسية الإيرانية بحركة نشطة مع الدول الصديقة، روسيا والصين، اوصلت أميركا إلى خيارات فرضتها إيران على جدول أعمال المفاوضات وما يمكن أن ينتج عنها من نجاح إيراني. إنها حرب مفاوضات وحتى الآن استطاعت الجمهورية ان تلوي وتحشر دبلوماسية بائعي العقارات في أميركا.

متى تبدأ علامات التفاوض الايجابي بالظهور في منطقة غرب آسيا، ان كان في اليمن او في فلسطين المحتلة او لبنان؟

من الواضح أن قيم الثورة وقوة الدولة في إيران منحت الطاقة التفاوضية الإيرانية عبقرية فريدة في تناول القضايا المعقدة والاستراتيجية..فإذا كان ترامب ومبعوثه الخاص على إلمام بتجارة العقارات فإن المفاوض الإيراني على إلمام بحياكة السجاد والذي يحتاج إلى الصبر وطول الاناة والعقل الملم بفهم عقل الآخر. فهو يعرف ويعرف أنه يعرف. أما عقل التاجر الأميركي فهو يعرف ما يريد ولا يعرف ما يريد العقل الآخر. هكذا يمكن أن يملي العقل الإيراني ما يريده على العقل الأميركي الذي لا يعرف كيف يأخذ ما يريد بالمفاوضات العاقلة. وهذا سر التحضر الإيراني والغباء الادواتي للاميركي. ومهما ربحت أميركا بالقوة العاتية السطحية، فإنها ستخفق أمام قوة العقل العميقة. بعد هذه المفاوضات ستكون الجمهورية مؤهلة لأن تكون الدولة الجامعة والحاضنة لشعوب المنطقة لتشكيل وتمكين المستضعفين من بناء حضارة حديثة قادرة على وراثة الغرب ومشاركة بصنع مستقبل جديد لقوى التحرر والمقاومة.

/انتهى/

مشاركة المحتوى:

أضف تعليقا


تعليقات (0)

وظيفة مماثلة

إيران تنتج أول لقاح رباعي ضد فيروس الورم الحليمي البشري (HPV)

إيران تنتج أول لقاح رباعي ضد فيروس الورم الحليمي البشري (HPV)

تم إنتاج أول لقاح رباعي إيراني ضد فيروس الورم الحليمي البشري (HPV) تحت اسم "غارديسان" من قبل متخصصي شركة "بيوسان...

الرئيس الايراني يرسل معاهدة الشراكة الاستراتيجية مع روسيا إلى مجلس الشورى

الرئيس الايراني يرسل معاهدة الشراكة الاستراتيجية مع روسيا إلى مجلس الشورى

أعلن رئيس قسم الاتفاقيات الدولية في المكتب القانوني الرئاسي: "أرسل الرئيس اليوم المعاهدة الاستراتيجية...

بقائي: شائعات لقاء بزشكيان وترامب مزيفة

بقائي: شائعات لقاء بزشكيان وترامب مزيفة

اعتبر المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية الشائعات حول لقاء الرئيس بزشكيان بالرئيس الأمريكي الأسبوع...

إسلامي: إيران بحاجة إلى التكنولوجيا النووية لتحقيق التقدم

إسلامي: إيران بحاجة إلى التكنولوجيا النووية لتحقيق التقدم

أكد محمد إسلامي، معاون رئيس الجمهورية ورئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، أن العلوم والتقنيات النووية تلعب...